اليمن، 2014-03-04
عزيزتي فاطمة،
لقد استطابت النفسُ رسالتك الأخيرة فوق ما تتصورين إما لأنها تضمنت في فحواها حقيقة إنسانية تشعر القارئ بإنك تتحدثين عنه و إما لأنها قد مست بشكل ما معاناتي مع الأمنياتِ الناقصة؛ تلك الأمنيات التي لا تكتمل فرحتنا بها إما لأنها تأتي في غير موعدها ومع غير من تمنينا مشاركتهم إياها وإما لأن التفكير بها يأتي مصحوباً بصوتين، الأول يقول لكِ عن كل الأماني المستحيلة، "لما لا ؟ أن التمني حق مشروع للجميع " بينما يردد الآخر ساخرا" انتهت التذاكر، سافر الحالمون .. فاتك القطار". وحينها أراني و أنا أنزوي إلى الركن...ذلك الركن الذي أفكر به كثيراً هذه الأيام بل و تتوق نفسي إليه... لا لأنني سوف أعود إلى المكان الذي جئت منه بل لأن الخلوة بعيداً عن صخب هذه الحياة قرار بينما المشاركة فيها أمر متاح للجميع.
كما أنني أصبحت مؤمنة بأن للحياة سكرات، لا أعرف إن كنت توافقينني أم لا و لكنني متيقنة من أن كل ما نكابده في هذه الحياة هو بمثابة احتضار مبكر و هؤلاء الذين يحتضرون كثيرا في حياتهم لا يخشون الموت ولا تعنيهم سكراته .
هذا الصباح يا عزيزتي رفع سائق الباص صوت المذياع عالياً فما كان مني إلا أن تذكرتك أنت و تلك الجولة التي وعدتني بها ما أن أزور المغرب . أتعلمين أنا واحدة من الذين يحبون المذياع مع أنني لا أستمع إليه كثيرا ولكنني أحب كل مايمت للماضي بصله في زحمه هذه التكنولوجيا و قد يضحكك أن تعرفي أنهم يسردون عبر الإذاعة أسعار الخضروات و يفصلونها واحدة واحدة و فكرت حينها هل يلتزم التجار بهذه الأسعار؟ أظنهم لا يستمعون للمذياع أو لا يملكون واحدا ..!
ومن أيام مررنا بالقرب من شاحنة منقلبة و بقايا سيارة متفحمة فما كان من سائق الباص إلا أن توقف ليسأل إن كان أحدهم قد نجا فقيل له "لا أحد .. اثنا عشر رجلا في ذمة الله " . هذا الطريق يا فاطمتي لا يشبع من الأرواح لكنني فكرت و أنا أترحم عليهم كيف انصهرت اثنا عشر روح في سلة موت واحدة ؟!
تعلمين يا فاطمتي لقد أدركت أن أرنست همنجواي على حق حين رأى أن أكثر طرق حياتنا أهمية تأتي بلا إشارات فلطالما تهت و هذا ليس بالأمر الجديد ..الجديد أنني منذ الأن وصاعدا لن أقف لأسال أحدا عن الطريق ولا تسأليني عن السبب ..
قبل أن أختم، أنسينا شئ ما في فبراير ؟ أنا مازلت عالقة هناك ولا أعرف ما السبب. على كل حال متى ما قررت السفر ..أو الهرب أنا يا عزيزتي هنا.
محبتي
المخلصة،
م
عزيزتي فاطمة،
لقد استطابت النفسُ رسالتك الأخيرة فوق ما تتصورين إما لأنها تضمنت في فحواها حقيقة إنسانية تشعر القارئ بإنك تتحدثين عنه و إما لأنها قد مست بشكل ما معاناتي مع الأمنياتِ الناقصة؛ تلك الأمنيات التي لا تكتمل فرحتنا بها إما لأنها تأتي في غير موعدها ومع غير من تمنينا مشاركتهم إياها وإما لأن التفكير بها يأتي مصحوباً بصوتين، الأول يقول لكِ عن كل الأماني المستحيلة، "لما لا ؟ أن التمني حق مشروع للجميع " بينما يردد الآخر ساخرا" انتهت التذاكر، سافر الحالمون .. فاتك القطار". وحينها أراني و أنا أنزوي إلى الركن...ذلك الركن الذي أفكر به كثيراً هذه الأيام بل و تتوق نفسي إليه... لا لأنني سوف أعود إلى المكان الذي جئت منه بل لأن الخلوة بعيداً عن صخب هذه الحياة قرار بينما المشاركة فيها أمر متاح للجميع.
كما أنني أصبحت مؤمنة بأن للحياة سكرات، لا أعرف إن كنت توافقينني أم لا و لكنني متيقنة من أن كل ما نكابده في هذه الحياة هو بمثابة احتضار مبكر و هؤلاء الذين يحتضرون كثيرا في حياتهم لا يخشون الموت ولا تعنيهم سكراته .
هذا الصباح يا عزيزتي رفع سائق الباص صوت المذياع عالياً فما كان مني إلا أن تذكرتك أنت و تلك الجولة التي وعدتني بها ما أن أزور المغرب . أتعلمين أنا واحدة من الذين يحبون المذياع مع أنني لا أستمع إليه كثيرا ولكنني أحب كل مايمت للماضي بصله في زحمه هذه التكنولوجيا و قد يضحكك أن تعرفي أنهم يسردون عبر الإذاعة أسعار الخضروات و يفصلونها واحدة واحدة و فكرت حينها هل يلتزم التجار بهذه الأسعار؟ أظنهم لا يستمعون للمذياع أو لا يملكون واحدا ..!
ومن أيام مررنا بالقرب من شاحنة منقلبة و بقايا سيارة متفحمة فما كان من سائق الباص إلا أن توقف ليسأل إن كان أحدهم قد نجا فقيل له "لا أحد .. اثنا عشر رجلا في ذمة الله " . هذا الطريق يا فاطمتي لا يشبع من الأرواح لكنني فكرت و أنا أترحم عليهم كيف انصهرت اثنا عشر روح في سلة موت واحدة ؟!
تعلمين يا فاطمتي لقد أدركت أن أرنست همنجواي على حق حين رأى أن أكثر طرق حياتنا أهمية تأتي بلا إشارات فلطالما تهت و هذا ليس بالأمر الجديد ..الجديد أنني منذ الأن وصاعدا لن أقف لأسال أحدا عن الطريق ولا تسأليني عن السبب ..
قبل أن أختم، أنسينا شئ ما في فبراير ؟ أنا مازلت عالقة هناك ولا أعرف ما السبب. على كل حال متى ما قررت السفر ..أو الهرب أنا يا عزيزتي هنا.
محبتي
المخلصة،
م
0 التعليقات:
إرسال تعليق