الأحد، 23 نوفمبر 2014

الرسالة السادسة عشر من رسائل حريرية








الحُديدة، اليمن، 15/11/2014
عزيزتي فاطمة،
إنه الخطاب صاحب الرقم مائة ولا أعرف إن كان سيكتمل لتقرئينه أم أنه سيلحق بأخوته و يأخذ مكانه في سلة المسودات. إن رغبتي العارمة في أن أكتب لكِ في ظروف أفضل جعلتني أنتظر وأنتظر و أنتظر. أنتظر ماذا، تفكرين الأن بهذا، صحيح ؟ واقع افضل، صباح أفضل، احساس أفضل، و مغلف أفضل لحروفي وخطاباتي. وربما لا يأتي كل شئ في الوقت الراهن على الأقل أو ربما يأتي النصف منه لكنني على كل حال أشعر بأنني أفضل.
والأن، في هذه اللحظة بالذات، ترقص في أعماقي بعض الفراشات ولا أعرف إن كان رقصها سيستمر أم لا لكنكِ ستعرفين هذا حالما انتهي و تفضين خطابي.
هل ستحضرين عرسي ؟ فكرت بسؤالك كثيراً، فكرت به و أنا أحضر أعراسا و أتغيب عن بعضها. هي سنة غريبة ، مليئة بالأفراح حتى يكاد المرء يشعر بأنه لا حزن بعد اليوم ومليئة بالأحزان حتى يظن المرء بأنه لا فرح بعد اليوم. وفي كل الاحوال، تحثني أمي على الذهاب، تردد ناصحة "لن تحضر عرسك مادمتِ قد تغيبتِ عن عرسها" وحينها يبدو الأمر بمثابة الواجب الإجتماعي و أنا لا احب الواجبات الإجتماعية. في الحقيقة أنا أيضا لا أحب الأعراس، لا أحب ما آلت إليه أعراسنا و لطالما خالجتني أحاسيس غريبة بحيالها، لكنني كنت دوما أظن أنها مسألة قلبية، أي أنني احضر أعراس المقربين من القلب و أفوت أعراس البعيدين عنه لكن الأمر الأن قد تغير جذريا، لم يعد الأمر متعلق بدائرة القلب، وبالذين يحبهم فقط. لقد أصبحت أنظر في تقويمي لأتاكد هل يوافق العرس يوم إجازة أم لا ؟ و إن كان لا يوافق هل سيتاح لي أخذ إجازة ؟ وهل لدي في خزانتي شئ مميزا كي ارتديه ؟ فكل شئ قد تغير تماما، اعراسنا لم تعد أعراسنا، البذخ يتوج كل شئ ابتداء من قاعات العرس، المدعوين، والأطعمة وانتهاء بفستان العروس وباقتها و حذائها وحينها أشعر بأن بساطتي في مثل تلك الأماكن غريبة ومثيرة للإستغراب . ثم أن المرء احيانا قد يشعر بالكسل أو التعب لكن لا أحد هنا سيعذره فلم يسبق وعذرني أحد و ما عدت ألومهم .
سيكون عرسي بسيطا، سيحضره المقربون، سيحضرونه لأنهم أردوا ذلك لا لأنني حضرت أعراسهم وستحضرينه أنتِ بثوب مغربي، يتوسطه حزام ذهبي، وستبدين جميلة و فريدة ، ستكونين المغربية الوحيدة في عرسي هذا إذا لم ترافقك هاجر حينها سيصبح في عرسي فراشتان من المغرب و سأعذر يومها كل من لا يأتي و ربما لا!
في الشهر الماضي، احترقت عروس قبل زفافها بيوم، وتوفت بعد أسبوع وهي ترقد تحت الشراشف البيضاء هي نفسها الشراشف التي دفنت بها تاركة ثوب زفافها و زوجها الشاب و أسرتها تبكي اثرها. لقد جعلني أذكر ما كانت تقوله جدتي ولم أكن لأفهمه حينها "عروسة في المركب، ماتدري لمن تكتب" كتبت للجنه لا لبيت زوجها.
اسمع الأن تغريد أول عصفور في صباحي، قريبا جدا وكأنه يقف على نافذة قلبي و يفرد جناحيه.
أتعلمين من الجميل أن يتكئ المرء على جدار هذا العالم، ويراقب فقط.
اشتقت لكِ يا لالة.

المخلصة دائما،
مروة